(632- 634 م)
إن عصر السعادة (عصر الرسول -صلي الله عليه وسلم- والصحابة الكرام) هو بلا جدال، العصر الأبرز في التاريخ الإنساني، من حيث الفضيلة والعدالة والغيرية والأخلاق الرفيعة، لأن ذاك العصر المبارك هو العصر الذي عاش فيه محمد -صلي الله عليه وسلم-، سبب خلق كل العوالم. إنه العصر الذي أخذ شكله من روحه وفيض نوره. هذا العصر هو عصر معرفة الله ورسوله معرفةً اليقين، في مناخ من التأمل العميق.
هذا العصر المبارك رفع المجتمع إلى قمة الفضيلة والتحضر، بعدما أخرجه من ظلمات الجاهلية، فبلغ به معرفة الله، أي معرفته قلباً. إن أفراد هذا المجتمع هم الصحابة الكرام الذين يطلق عليهم “الأصدقاء المباركون لرسول الله المخلصون له من جماع قلوبهم في كل الأمور”
إنهم الصحابة الكرام الذين فهموا كلام رسول الله-صلي الله عليه وسلم- ، وسلوكه ومواقفه، على أجمل صورة، ونقلوا إلينا منه آثاراً نورانية.
الخلفاء الراشدون
ومن بين الصحابة الكرام يبرز الخلفاء الراشدون، أي الخلفاء الأربعة الكبار، وهم الذين كوّنوا شخصياتهم بقرب رسول الله من رقته وحساسيته المرهفة. لأن هؤلاء قد تعلقوا بالله ورسوله تعلق عشقٍ وهوى، وكمثل قطرة الماء من البحر، تحلّوا بأخلاق الرسول الرفيعة ومسلكه. وبهذه الطريقة فقد تحوّل عالمهم الداخلي إلى مكان تتجلى فيه محبة رسول الله والعشق الإلهي، بل إلى قصر جليل لكنز معرفة الله.
ونقول أيضاً إن كلامهم وأفعالهم المملوءة بالعبر أصبحت منظومة حِكَم وأسرار باتت قدوةً للأمة وكنز نصائح ولا أجمل. قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- عن مكانة عهد الخلفاء الراشدين:
“خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً…”[1]
مشيراً بذلك إلى أن الإدارة ستعمل من بعده بصورة صحيحة أحياناً، وستتعرض إلى الوهن أحياناً.
سيدنا أبو بكر -رضي الله عنه-
إن السنوات الأولى من هذه الصفحة هي الزمن الذي استمر فيه الاستقرار والانسجام اللذين تميّز بهما عصر السعادة، ويعود الفضل في ذلك، بالدرجة الأولى، إلى أبي بكر الصديق-رضي الله عنه-، ببصيرته وأهليته. أول المختارين للخلافة هو أبو بكر الصديق الذي تفانى، في عصر السعادة، في حبه وعشقه لرسول الله، ووفائه وتسليمه أمره له. لقد عاش التعلق القلبي به بأعلى درجاته، بحيث أنه كاد يتوحد به.
لكن حالة التوحّد هذه تحققت نتيجة تضحياتٍ عديدة، ولقاء أثمان كبيرة. فأعظم الأثمان يدفعها المرء في سبيل محبته. وفي هذا العالم الفاني فإن الثمن الأعظم الذي يُدفَع هو ما يُدفَع في سبيل محبة الله -عز وجل-.
وقد عاش سيدنا أبو بكر-رضي الله عنه-، طوال عمره يبذل الجهد بحماسة لدفع ثمن صداقة الله ورسوله ومحبتهما، بغية الاستغراق في اللذة السامية لهذه الصداقة والمحبة.
وفي الهجرة المحمدية نال سيدنا أبو بكر شرف مرافقة رسول الله. في تلك الرحلة المقدسة التي شهدت كثيراً من تجليات السر الإلهي، كان بقرب سيدنا في غار ثور طيلة ثلاثة أيام، تلقى منه خلالها الكثير من الأسرار والحكم. فنال شرف تقرب ورفقة مقدسين. في ذلك المكان الذي تحوّل إلى مدرسة للأسرار الإلهية وانبساط القلوب، بلغ مرتبة “ثاني اثنين” وكان ثالثهما هو الله. قال نور الكائنات لصديقه العزيز:
﴿لا تحزن إنَّ الله معنا ..﴾ (التوبة، 40)
لقد أوَّلَ الفقهاء هذه الحالة على أنها مبتدأ تعاليم الذِكر السري، والتجلي الأول لطمأنينة الأفئدة مع الله. أي أن المكان الأول المعروف في تاريخ الإسلام لنقل السر الصوفي من قلب إلى قلب، هو غار ثور.
هذا يعني أن الغاية في جميع الأسفار الجليلة إنما تتحقق بقدر محبة الله ورسوله. ذلك لأن شرط المحبة وعلامة الحب هو أن تحب ما يحبه المحبوب. هذه خطوة مهمة في طريق التوحد مع المحبوب، وحياة أبو بكر الصديق مملوءة بهذه التجلِّياتِ.
أبو بكر مني وأنا منه
عاش حياته بنار المحبة والعشق الإلهي متنكراً لذاته، وجد الحياة في حضرة المصطفى ولم يحيَ إلا في وجود رسول الله، وهكذا كلما التقى أو تحدث مع رسول الله-صلي الله عليه وسلم- ، عاش حالة وجد واستغراق، فكان شوقه ومحبته للمصطفى تزداد أكثر في حضوره بدل أن تهدأ.
قال رسول الله-صلي الله عليه وسلم- :
“مَا نَفَعَنِي مَالُ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ”
قال فبكى أبو بكر -رضي الله عنه- وقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (ابن ماجة، المقدمة، 11/94)
وبقوله بيّن كيف ضحّى بنفسه وبكل ما يملك وعرف بأن المصطفى من الفانين. وبسبب وحدة الحال هذه قال سيدنا المصطفى -عليه السلام-:
“أبو بكر مني وأنا منه، أبو بكر أخي في الدنيا والآخرة“[2] ، مبيناً بقوله صيرورة الحال من قلب إلى قلب، والوحدة في عالم المعاني.
أقرب الصحابة للأسرار النبوية
لقد حوّل سيدنا أبو بكر-رضي الله عنه- ، عالمَ قلبه إلى مرآة لامعة تعكس قلب رسول الله-صلي الله عليه وسلم- ، وبهذه الطريقة أصبح الأنموذج المشخص على الفناء في رسول الله-صلي الله عليه وسلم- . وبفضل هذا الفناء اكتسب كل ما يخص سيدنا فخر الكائنات، معنىً عميقاً في قلبه. إلى درجة أن أبا بكر-رضي الله عنه-، بات في مقدم الصحابة من حيث فهمه لآيات الله تعالى وكلام رسوله وتدفق أحاديثه. أحس بكثير من الإلماعات النبوية التي لم يستطع غيره فهمها، بفراسة وبصيرة فائقتين. في حجة الوداع نزلت الآية الكريمة:
﴿…الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا …﴾ (المائدة، 3)
الكل فرحَ لإتمام الدين، إلا أن سيدنا أبا بكر غرق في حرقة نار الفراق لأنه أحس وبفطنته العالية، أن الله تعالى وقريباً جدا سيدعو الرسول العزيز إلى العالم الأبدي[3].
ومن الأمثلة التي تؤكد رقة أحاسيس سيدنا أبي بكر -رضي الله عنه-:
أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، بسبب تقدم المرض به وعدم قدرته الذهاب إلى المسجد، عيَّنَهُ إماماً للجماعة.. وإذ تحسنت حاله ذهب إلى المسجد، وبعدما زود الجماعة ببعض النصح، قال لهم:
“ان عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة فلم يفطن لها أحد من القوم الا أبو بكر فقال بأبي أنت وأمي بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا“.
حين سمع أبو بكر -رضي الله عنه- هذه الكلمات التاع قلبه أسىً وأدمعت عيناه حرَّ الدموع. كان يعلم بأن كلمات رسول الله -صلي الله عليه وسلم- تدل على الوداع النبوي فكان يحسّ بذلك بشكل جلي لأنه من المقربين للأسرار النبوية. وبدأ يجهش في البكاء كألحان ناي يعزف لحن الفراق، وقال: ” فداك أبي وأمي يا رسول الله، فداك آباؤنا وأمهاتنا وأجسادنا وأموالنا وأولادنا..” (أحمد، جـ3، 91/11881)
لم يدرك أحد من الجماعة غيره، مشاعر رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وأنه يودع الحياة الدنيا. فلم يفهموا سبباً لبكاء أبي بكر الصديق، وراحوا يتساءلون فيما بينهم قائلين:
“إنه لغريبٌ أن يبكي هذا الكهل عند حديث رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، عن الشخص الصالح الذي اختار لقاء ربه ” (البخاري، الصلاة، 80)
لم يحسوا بالحقيقة التي أحس بها أبو بكر ولم يخطر ببالهم أن يكون العبد الصالح المتروك حراً بين الله والدنيا هو رسول الله -صلي الله عليه وسلم-. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- مهدئاً لنفس أبي بكر ومبيناً للصحابة مدى أهميته:
“إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ” (البخاري، اصحاب النبي، 3)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم-:
“قَدْ بَلَغَنِي الَّذِي قُلْتُمْ فِي بَابِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنِّي أَرَى عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ نُورًا، وَأَرَى عَلَى أَبْوَابِكُمْ ظُلْمَةً” (ابن سعد، جـ2، 227)
وهكذا في لحظة الوداع الحزين أغلقت كل الأبواب إلا باب أبي بكر فقد ترك مفتوحاً. وبالمعنى المجازي، هذا يعني باب التقرُّب الخاص من رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وبالإمكان فتحه بطاعة كمثل طاعة الصديق الكبرى، وتضحياته ووفائه ومحبته.
قلعة إيمان لا تتزحزح
كان سيدنا أبو بكر-رضي الله عنه-، من الأغنياء فعندما وجد بأن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فانٍ، ضحى بماله وروحه وبكل كرم، وأنفق أمواله بدون خوف من الفقر، كما فعل رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، حتى إذا سأله رسول الله -صلي الله عليه وسلم-:
“وما أبقيت لأهلك؟”
قال: “أبقيت لهم الله و رسوله” (ابو داوود، زكاة، 40)
لم يكن رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، يأذن لأحد من الصحابة أن ينفقوا كامل أموالهم، فكان يأذنُ لِأبي بكر وحده بأن ينفق جل أمواله ، وذلك لأن الإنفاق الكامل للمال والملك، والوقوع في حالة الفقر والعوز، يجعل احتمال الندم في النفوس وارداً لإغواء الشيطان والنفس، وهذا الندم يمحو فضائل الخير والحسنات، ويسقط الأجر.
فقط سيدنا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كان كقلعة إيمان لا تتزحزح، فعالم روحه ترسخ بمحبة الله ورسوله. تماماّ بالشكل الذي استعرضه في حادثة المعراج بقلب ثابت لا تردد فيه، فتصديقه للرسول يوضح ما فاز به قلبه من قوة في إيمان.
قال سيدنا علي-رضي الله عنه- ، بصدد مديحه لهذا القلب:
“كنت كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله الرواجف” (أبو نعيم، معرفة الصحابة، جـ1، ص 264)
حقيقة إن أبا بكر-رضي الله عنه-، قد أنفق عدة مرات كامل ثروته في سبيل الله بكرم، وبقي في فقر وعوز. فقط رضاء الله ورسوله حولت ضيق الدنيا إلى لذة وهدوء كبيرين لروحه . وقد بشره سيدنا المصطفى-صلي الله عليه وسلم-، لفضائله وإخلاصه، قائلاً:
“من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا – يعني أبا بكر” (علي المتقي، الحديث 32617)
مناخ التواضع وإنكار الذات
كان سيدنا أبي بكر-رضي الله عنه-، مثالا حياً للأخلاق المحمدية حيث انسلخ من ذاته ووجدانه، فانصهر في ذات رسول الله-صلي الله عليه وسلم-. كسيدنا محمد -صلي الله عليه وسلم- نسي همه، واهتم بِهَمْ الأمة متخلصاً من الأنانية والذاتية، بالغاً ذرى الرأفة بأمته. وحالته هذه يجسدها حديث المصطفى-عليه السلام-:
“أرحم أمتي بأمتي أبو بكر…” (الترمذي، المناقب، 32، 3790)
لا شك أن تعبيره هذا يدل على مدى احتقار نفسه وإذلالها، وتظهر تواضعه وإنكار ذاته، لمخافته من الله ورحمته ورأفته.
خير الأمة سيدنا أبو بكر عندما انتخب خليفة للمسلمين قام بمخاطبة الناس على المنبر فقال بكل تواضع:
“أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني” (ابن سعد، جـ3 ،182-183؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 69 ،71-72 )
لقد كان صحابياً كبيراً عاش فكرة (قبول النقد والتنبيه)، بنضج وتواضع كبيرين. وعندما بايعه الناس قال:
“والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلة قط، ولا كنت فيها راغباً، ولا سألتها الله في سر ولا علانية، ولكني أشفقت من الفتنة، ومالي في الإمارة من راحة” (الحاكم، 3، 70، 4422)
حقيقة وبعد أن أصبح سيدنا أبي بكر خليفة، وقياساً بحياته الماضية عاش أكثر زهداً وتواضعاً واستغناءً. فقبل أن يصبح خليفة، كان يقضي حاجات جيرانه الأيتام ويقوم بحلب أغنامهم.
اعتقد جيرانه بأنه بعد أن صار خليفة ستزداد مشاغله وتتغير عليه ظروف الحياة بحيث لن يتمكن من حلب أغنام اليتامى، ولكن في الواقع لم يتغير شيء بحيث داوم على حلب أغنام اليتامى وقضاء حاجاتهم .. (السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 80)
لم يكن أبو بكر-رضي الله عنه-، دنيوياً لا في خلافته ولا قبلها، وكسيدنا المصطفى -صلي الله عليه وسلم- كان كل همه طريق الآخرة وإكمالها بنفس حرة من أعباء الدنيا، بنفس هادئة ومطمئنة وبشوق لملاقاة ربه.
ولهذا السبب أوصى، بزهد بالغ، ببيع قطعة أرض عائدة له لإعادة الرواتب التي اضطر إلى أخذها من الخزينة العامة مدة أيام خلافته. (ابن الأثير: الكامل، جـ2، 428-429)
مثال الإعتدال و التوازن
كان في حياته توازن إلهي عظيم، لم يكن يظهر العجز والخضوع ، فكان يظهر تواضعاً دائماً، لم يكن متكبراً أو مغروراً بل كان وقوراً دائماً، وعند اللزوم كان عنيفاً وشجاعاً، يعرف العفو والتسامح لدرجة كبيرة، هادئ الطبع، وعاش سمحاً وودوداً، وفي كل الأحوال كان مثالاً كبيراً للتوازن والاعتدال..
وبكل صفاته هذه كان مدافعاً صلباً عن الإسلام، ولم يحتمل قط مخالفة أوامر رسول الله -صلي الله عليه وسلم-. لم يتنازل أبداً عن أحكام الدين بأي شكل من الأشكال. بعد وفاة رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أظهر مقاومة للمرتدين عن الدين والحركات التي رفضت إيفاء الزكاة، بكل تصميم ودراية كبيرة. قال: (والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها) وبذلك أغلق كل الأبواب أمام تحريف الدين ومنعَ اتساع الفتنة.
إن سلوكه الشجاع والحازم، جعل حتى سيدنا عمر-رضي الله عنه-، رمز الجلد والعدل، يغبطه ويعجب به.[4]
خلاصة القول، عاش هذا الصحابي الجليل دائماً في مقام الصدق، إن نصائحه وتحذيراته لنا تملك من القيمة ما من شأنها أن تفتح أمامنا أبواب ذلك المقام الرفيع. فعاش رمزا للصدق ومثالاً لا مثيل له، وأقواله أصبحت دستوراً للمؤمنين وأسراراً تشرح قوانين الحياة، فكل مقولة منها عبارة عن حكم وخزائن للحقيقة.
أقوال وحكم من سيدنا أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-
“إن الله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب يعطيه به خيراً ولا يصرف عنه سوءً إلا بطاعته واتباع أوامره”
“إن الله لا يرضى من عبده أقوالا ً بلا أعمال”
“الكلام الكثير يجعل الإنسان ينسى كثيراً”
“فكّر جيداً بما تقول ومتى تقول ولمن تقول”
“كن عبداً للعلماء ممن يعرفون الحق”
“لا تُخفِ شيئاً عمن يهديك إلى الطريق، وإلا خدعتَ نفسك”
“أصلح نفسك حتى يعاملك الآخرون بالحسنى”
“أربعة هم من عباد الله الصالحين:
1ـ من يفرح لرؤية التائب.
2ـ الداعي لله بأن يعفو عن المذنبين.
3ـ من يدعو لإخوتهم في الدين في غيابهم.
4ـ من يساعد المحتاجين ويقوم بخدمتهم.
“والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله”
“لو كان الإيمان فقط في الجوامع، والمال عند البخلاء، والسلاح عند الجبناء، والسلطة عند الضعفاء، لاختلّت الأمور”
“العاقل هو صاحب التقوى، والظالم غير عاقل”
لما حضر أبا بكر الموت دعا عمر فقال له:
“اتق الله يا عمر! واعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل وعملا بالليل لا يقبله بالنهار وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم وحق لميزان يوضع فيه الحق غد أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الباطل غدا أن يكون خفيفا: وإن الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئه، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن لا ألحق بهم، وإن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن أكون مع هؤلاء وذكر آية الرحمة وآية العذاب فيكون العبد راغبا راهبا ولا يتمنى على الله غير الحق ولا يقنط من رحمته ولا يلقي بيديه إلى الهلكة. فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت وهو آتيك، وإن أنت ضيعت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت ولست بمعجزه”(علي المتقي الهندي، كنز العمال، رقم: 35717)
“إذا فاتك فعل الخير الحق به، وإذا بلغته اسع لتجاوزه ولفعل خير منه وأجمل”
“فعل الخير للناس تقي الإنسان من الشرور والمصائب”
“اهرب من الشهرة كي يلاحقك الشرف، وكن مستعداً للموت حتى تـُمنح الحياة”
“لا مصيبة إلاّ وهناك أكثر منها شراً”
“لا ضير في الصبر، ولا نفع في الحزن والقلق”
“الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله”
“سلوا الله العافية، فإن أحداً لم يُعطَ، بعد اليقين، ما هو أفضل من العافية”
“بقناعتي الشكر على العافية، أكثر قبولاً من صبر على امتحان”
“الدنيا سوق للمؤمنين، الليل والنهار رأسمالهم، العمل الصالح سلعهم التجارية، الجنة ربحهم و جهنم خسارتهم”
“الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلي الله عليه وسلم- أَمْحَقُ لِلْخَطَايَا مِنَ الْمَاءِ لِلنَّارِ، وَالسَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ -صلي الله عليه وسلم- أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ، وَحُبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- أَفْضَلُ مِنْ مُهَجِ الأَنْفُسِ، أَوْ قَالَ: ضَرْبُ السَّيْفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -عز وجل-…” (البغدادي، تاريخ بغداد، جـ7، ص161)
قال ابو بكــر الصديق -رضي الله عنه- :
العــباد ثلاثة اصنــاف لكل صنف ثلاث علامات يعرفون بها صنف يعبدون الله على سبيل الخوف وصنف يعبدون الله عـلى سبيل الرجــاء وصنف يعبدون الله عـلى سبيل الحــب، فللأول ثلاث علامات:
– يستحقر نفســه
– ويستقــل حسنــاته
– ويستكثر ســــيئاته
وللثاني ثلاث علامات:
– يكون قدوة النــاس فى جميع الحالات
– ويكون اسخى الناس كلهم باالمال زهدا فى الدنيا
– ويكون أحسن الظن باالله فى الخلق كلهم
وللثالث ثلاث علامات:
– يعطى ما يحبه ولايبالى بعد ان يرضى ربه
– يعمل بسخط نفســه ولا يحتم به بعد ان يرضى ربه
– يكون فى جميع الحالات مع سيده فى امره ونهيه (ابن حجر العسقلاني، المنبهات، ص94ــ 95)
كان أبو بكر-رضي الله عنه- إذن تلك الشخصية الإسلامية المباركة التي جمعت كل صفات أصحاب الحق وطباعهم.
ربنا اجعل من نصيبنا الإستفادة من نصائحه الحكيمة والإستنارة بطباعه الجميلة، واجعلنا في دائرة صحابته. فالخلفاء الراشدون الذين حظوا بينبوع الصداقة في الله ورسوله، وكذلك الصحابة الكرام وأصحاب الحق ومن سلك دربهم، هم جميعاً الرحالة المحظوظون، بلطف الله وكرمه، في قافلة السعادة الأبدية.
فلنختم كلامنا بدعاء قلبي لسيدنا أبي بكر -رضي الله عنه- قائلين آمين من قلوبنا:
“اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك” (السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 103)
“اللهم إني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر، اللهم اجعل آخر ما تعطيني من الخير رضوانك والدرجات العلى من جنات النعيم” (السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 103) آمـــــين….
[1] انظر: أبو داود، السنة، 8/4646؛ احمد، جـ5، 220-221
[2] الترمذي، مناقب، 20
[3] انظر: الماللي محمد حمدي يازير، حق ديني قرآن ديلي،، جـ3، 1569
[4] انظر: البخاري، الزكاة، 1؛ علي القاري، المرقاة، جـ10، ص 381-383/6034.